عبثية النظام النقدي العالمي.
juin 28, 2012 Laisser un commentaire
تكمن عبثية النظام النقدي الحالي في حقيقة أساسية يجهلها أغلب الناس و هي أن جميع أشكال النقود أو العملة المتداولة في النسيج الاقتصادي لجميع دول العالم على إختلاف أنظمتها تعتمد على آليات الديون الربوية، وبدلا من تنتج هذه الدول الأموال التي يحتاج إليها الإقتصاد المحلي بشكل مباشر، تقوم بإقتراضها من البنوك المركزية, هاته الأخيرة التي تقوم بتشغيل آلات طبع العملة حسب الكمية المطلوبة, وتحدد أسعار الفائدة على أساس الحالة الصحية للإقتصاد ومعدلات النمو المتوقعة في ما يخص الناتج المحلي الإجمالي (و التي تكون خاطئة في أكثر من 90٪ من الحالات).
و الآن بعد أن وصل النظام النقدي العالمي حدود التشبع القصوى بالإقتراض الربوي، ما الذي تفعله هذه الدول للهروب من هاويةالإفلاس ؟؟؟ تقوم بضخ المزيد من الأموال في نظام نقدي أثبت بالفعل فشله منذ مدة طويلة، في تكرار مبتذل لنفس الطريقة المتبعة في بداية الأزمة (29 سبتمبر، 2008)، على أمل أن أضعف معدلات النمو سوف تنجح بإعادة إحياء إقتصادات الدول المشرفة على الإفلاس (الولايات المتحدة الأمريكية, فرنسا, إيطاليا, إيرلندا, إسبانيا و البرتغال…) و ما إن بدت النتيجة مختلفة عن التوقعات و على الرغم من تريليونات من الدولارات (والتي هي في الأساس مأخوذة من أموال دافعي الضرائب) التي تم ضخها في صناديق الأبناك الخاصة والمصارف الاستثمارية لتجنب الإفلاس الوشيك الذي كان متوقعا بحدود شهر أكتوبر 2011, تابعت الأزمة المالية طريقها بنفس الحدة متنقلة من دولة إلى أخرى, لتعود الدول الغربية إلى العمل بنفس الإستراتيجية الغبية و البعيدة عن أي منطق (و كما يقول اينشتاين، الغباء هو تكرار نفس التجارب باستمرار مع توقع نتيجة مختلفة ..).
حاليا تستمر الأبناك المركزية في ضخ المزيد من الأموال في الأسواق المالية على أمل أن الأزمة سوف تتوقف و يختفي تأثيرها, لتتوقف العدوى عند اليونان، و إسبانيا، بينما يساعد النمو الإقتصادي القادم من الصين بدعم الإقتصادات المتوقفة على شفا الإفلاس و تفادي موجة ركود عالمية, أو حتى إنهيار مالي شامل, لكن الحقيقة المؤلمة تفرض نفسها مع تدهور أداء نسبة كبيرة من البنوك في جميع أنحاء العالم (حسب آخر تقرير لتقييم وكالة موديز خلال الأسبوع الماضي ..) والإفلاس المتوقع لبنوك أخرى مثل جيه بي مورغان، سوسيتيه جنرال، بي إن بي باريبا أو حتى دويتشه بنك، كل ذلك يشير إلى نهاية حتمية وحيدة لكل هذا السيرك المالي، و هي الإفلاس و الإنهيار المالي الشامل.
من جهة أخرى, هناك معطى في غاية الأهمية و يتجاهله الجميع, و هو أن وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم, تبذل كل ما في وسعها لتجنب الحديث عن هذا الوضع المروع, عبر أجهزتها, سواء كانت صحافة مكتوبة, مسموعة أو مرئية, و قد يبدو من البديهي أنهم يريدون تجنب عواقب إنتشار حالة من الذعر حول الوضع الإقتصادي العالمي المتردي, لكن علينا أن نتذكر أن أكبر أجهزة الإعلام و الصحافة العالمية (لوموند، لوفيغارو، فوكس نيوز، سي ان بي سي، سي إن إن، ، نيويورك تايمز، لوس انجلس تايمز …), قد تم بيعها لكبار المصرفيين من قبيل جيه بي مورغان، تشيس مانهاتن بنك، م.ف جلوبال، والبنوك العملاقة الأخرى في جميع أنحاء العالم, لذلك لا تتسائلوا عن مهنية و موضوعية الصحف العالمية, فهم يفضلوا أن يلوثوا أدمغتكم بالإشاعات و التفاهات عن حياة نجوم السينما و مباريات مسابقة كأس الاتحاد الاوروبي و قيمة إنتقال لاعب كرة مشهور من ناد إلى آخر و هم متأكدون أنكم ستتابعون الخبر بكل تفاهة و كأن اللاعب المذكور سيقتسم معكم أجره خلال نهاية دوري كرة القدم, بينما يبقى هدفهم الأساسي هو إغراق الناس في الإسفاف و الإبتذال و الحد من قدرتهم على التفكير في ما يحدث حولهم و عبر العالم, و بعبارة أخرى, لا تهتموا, إستمروا في إغراق أنفسكم بالقروض الربوية, و إذهبوا للتسوق في المراكز التجارية العملاقة التي تتكاثر بسرعة في .كل جانب كنبات الفطر, إستمروا في إستهلاك أكثر الأمور تفاهة في إنتظار موجات المد العاتية التي ستجرف كل شيء أمامها
مهدي بوعبيد
27/06/2012